شاي أختي

قد يحدث معك موقف عابر فيلهمك لكتابة مثل هذه الكلمات التي تحتوي على مجموعة من العبر والعظات التي لو استخدمناها في حياتنا اليومية لتغيرتنا علاقاتنا معا الاخرين الى الافضل.

         

في زيارتي لها اليوم ببيتها العامر، تذوقت الشاي فأعجبني فقلت لها : 
 ‎طعم الشاي جداً جميل، فإرتسمت الإبتسامة عليها و بدأ السرور يتشكل و يضيء كالنور في وجهها .. ‎ما الذي قد تفعلهُ الكلمة الجميلة ؟ 
‎أذكر ذات مرة ذهبت لإنجاز معاملة و كان الموظف كئيباً و كأن الدنيا يحملها فوق رأسه، جلست أمامه و هو يتعامل مع الأوراق بجفا شديد، كأن أحدهم سلب الإبتسامة منه.. !!! قلت له : قميصك جميل، إبتسم تلقائياً وقال: ‎والله؟ قلت: و الجاكيت أجمل، تهلل وجههُ ضاحكاً مستبشراً، ثم بدأ الحديث معي و الأخذ و الرد و كأن ذلك الشخص العابس قد رحل و جاء غيره إلى مكانه  !!!

 ‎ذات مرة كنت في المسجد و حضر شاب و صلى بالناس جماعة، شدني صوته الحسن و الجميل، انتظرت خروجهُ من المسجد ثم خرجت اتبعهُ و سلمت عليه بحرارة و قلت له : ما شاء الله .. صوتك جميل جدا و تلاوتك رائعة لا يشبع منها، رسمت عليه إبتسامة حلوة عريضة واسعة و رحلت عنه ..

‎السؤال : ‎ما الذي يمنعك أن تفعل ذلك مع الناس ؟
‎لماذا الغالبية شحيحة كل الشُح بالكلمة الحسنة و بخيلة جداً في إبدائها، لكنهم في المقابل سريعي الهجوم إذا ما وجدت فرصة سانحة للإنتقاص والنقد و التجريح .. ! 
‎{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ}

‎كان رسول الله ﷺ يحب البشارة ويُكثر من قول: ( أبشر ) قال النبي ﷺ في صحيح مسلم: بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا ، وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا ..
‎لا تحبس الكلام الطيب في قلبك أبداً .. ‎ امدح واشكر وادع الله لمن تحب وقل خيراً للجميع فالكلام الطيب عبادة و هداية ..
‎﴿ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ﴾
‎(الكلمة الطيبة صدقة..ومفتاح للقلوب)

وللكلمة تأثير كبير جدا على نفسية الشخص المستمع لها، فهناك من الناس من يجهل ماذا يمكن أن تفعل بنا الكلمة، ولا تأثيرها الذي قد يفعل ما لا يتوقعونه، لأنها حين تكون حادة تصبح كالسكين لديها القدرة أن تنغرز في الأعماق، وتجرح بقوة، وتتسبب في نزيف من المعاناة والكآبة، كما أنها قد تترك لنا بصمة داكنة في الذاكرة يصعب أن تزول بمرور الزمن، ولاشك أن الكلمة الطيبة لديها القدرة العظيمة في سعادة إنسان، وانتشاله من أصعب حالات اليأس.

علينا إعادة النظر في كلماتنا، وأن نحاول أن ننتقي منها ما يعود علينا وعلى غيرنا بالحب والألفة والراحة النفسية.

لننتبه إلى كلمة نطلقها غير آبهين تكسر أحدهم، وتضعضع كل قوة وهمة فيه.

لننتبه إلى كلمة نطلقها كرصاصة طائشة، تستقر في قلب أحدهم فتقتل معها كل المشاعر الطيبة، وتنهي معها أعظم العلاقات.


الكثيرا من علماء الاجتماع يشيرون إلى قوة الكلمة التي  تعادل أو ربما تتفوق على أي قوة أخرى توصل لها الإنسان، كقوة الكهرباء أو الطاقة الذرية أو النووية أو غيرها، لأنها تمس الروح والعقل والقلب، فيكون تأثيرها أكبر إذ تحفز الجسد لفعل أو رد فعل، أما بقية القوى الأخرى فإنها تمسّ الجسد فقط وقد تفنيه، فلا تكون بمستوى التأثير الذي تلحقه الكلمة.


والكلمة هي آداة مؤثرة ومحركة، وهذه هي خلاصة فكرة روبنز في القسم الخاص بمفردات النجاح من كتابه سالف الذكر، وهو يطرح فيه سؤالا مهما يتناول أهمية اللغة في تشكيل تجربتنا في الحياة، ويجيب على هذا السؤال الذي يبدو بسيطا في ظاهره، بجواب بسيط فعلا إذ يقول: إن اللغة شيء أساسي للغاية، فالكلمات التي نصف بها تجربتنا تصبح هي نفسها تجربتنا بكل بساطة.


وتبرز أهمية الكلمة وأثرها العظيم في كونها سلاح ذو حدين؛ فيرفع اللَّه بها أقوامًا، ويحط بها آخرين؛ فالإنسان يدخل الإسلام بكلمة، ويخرج منه بكلمة، ويبني بيتًا وأسرة بكلمة، ويهدم بناءً ويفرق جمع أسرة بكلمة، ويدخل الجنة بكلمة، ويسقط في النار بكلمة، وتشتعل الحروب بكلمة، كما يقال: فإن الحرب مبدؤها كلامُ؛ فإن للكلمة أثر عظيم في توجيه حياة الإنسان، سواءً إلى السعادة أم إلى الشقاء؛ فإذا كانت الكلمة طيبة فأنها تؤلف القلوب، وتصلح النفوس، وتذهب الحزن، وتفتح أبواب الخير، وتغلق أبواب الشر، وتزيل الغضب، وتشعر بالرضا والسعادة، وتنشر الألفة والمودة في المجتمع وتعمق أواصر الوحدة بين الناس؛ أما إذا كانت الكلمة خبيثة فتهدم المجتمعات، وتدمر الأخلاق، وتخرب العلاقات، وتصنع العداوة، وتزرع التفرقة والكره والحقد في النفوس، والقسوة في القلوب، وتشعل الفتن، وتسمم الأفكار، وتدعو إلى الشر.


وكما قال عبدالرحمن الشرقاوي:


أَتَعرِفُ معنى الكلمة؟

مفتاح الجنة فى كلمة

دخول النارِ على كلمة

وقضاءُ اللهِ هو كَلِمة

الكَلِمةُ نور

وبعض الكلمات قبور

الكلمة فرقان بين نَبىٍّ وبَغىٍّ

بالكلمة تَنكَشِفُ الغمَّة

الكَلِمَة نورٌ ودليلٌ تَتْبَعُهُ الأُمّة

عِيسَى ما كان سِوَى كَلِمَة

أَضَاءَ الدُّنْيا بالكَلِمات

وعَلَّمَها للصّيَادين

فَساروا يَهْدُونَ العَالَم

الكلمة زَلْزَلَت الظَّالِم

الكلمة حِصْنُ الحُرِّية.

وقيل ايضا "رُب كلمة قالت لصاحبها دعني"


دمتم بخير..

اذا وجدت ذلك مفيدا، اترك لنا تعليقك للمناقشة..
تعليقات