وهي"الأجر على قدر المشقة "وهي في أمور الدين صحصيحة .ولكنها غير صحيحة في بعض الأعمال الدنيوية التي يتلقى الأشخاص فيها أموال طائلة لا تتناسب مع المجهود المبذول .من هذه الأعمال التمثيل مثلا وفيه يحصل الممثل على الملايين مقابل عمل فني لا يستغرق شهر تقريبا.ايضا لاعب الكرة الذذي يحصل على الملايين في مقابل ان يكون فقط ماهرا في ركل الكرة,والكثير الكثير من الاعمال الاخري التى لا تنطبق عليها مقولة الاجر على قدر المشقة.
ومن الجانب الديني ايضا هناك فتوة تقول:
إذا كانت المشقة ملازمة للعبادة ، بحيث لا يمكن القيام بالعبادة إلا مع تحمل هذه المشقة ، فكلما زادت المشقة زاد معها الأجر والثواب ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها : ( إن لك من الأجر على قدر نصبك ونفقتك ) رواه الحاكم وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1116) وأصل الحديث في الصحيحين .
قال النووي في "شرح مسلم" :
" قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (عَلَى قَدْر نَصَبك أَوْ قَالَ : نَفَقَتك ) هَذَا ظَاهِر فِي أَنَّ الثَّوَاب وَالْفَضْل فِي الْعِبَادَة يَكْثُر بِكَثْرَةِ النَّصَب وَالنَّفَقَة , وَالْمُرَاد النَّصَب الَّذِي لا يَذُمّهُ الشَّرْع , وَكَذَا النَّفَقَة " انتهى .
وهذه القاعدة : "أن الأجر على قدر المشقة" ليس مطردة في كل شيء ، بل هناك من الأعمال ما هو أخف وأعظم أجراً .
قال الزركشي في " المنثور في القواعد " (2/415-419) :
" العمل كلما كثر وشق كان أفضل مما ليس كذلك , وفي حديث عائشة رضي الله عنه : ( أجرك على قدر نصبك ) . وقد يفضل العملُ القليلُ على الكثير في صور :
منها : قصر الصلاة أفضل من الإتمام للمسافر .
ومنها : الصلاة مرة في الجماعة أفضل من فعلها وحده خمسا وعشرين مرة .
منها ايضا : تخفيف ركعتي الفجر أفضل من تطويلهما .
وكذلك : التصدق بالأضحية بعد أكل لقم منها أفضل من التصدق بجميعها .
ومنها : قراءة سورة قصيرة في الصلاة أفضل من قراءة بعض سورة , وإن طالت ، لأنه المعهود من فعله صلى الله عليه وسلم غالباً " انتهى بتصرف واختصار .
وقد يكون العمل شاقًا، ففضله لمعنى غير مشقته. والصبر عليه مع المشقة يزيد ثوابه وأجره فيزداد الثواب بالمشقة. كما أن من كان بُعده عن البيت في الحج والعمرة يكون أجره أعظم من القريب. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها في العمرة ((أجرك على قدر نصبك)).
ولأن الأجر على قدر العمل في بعد المسافة. وبالبعد يكثر النصَب فيكثر الأجر. وكذلك الجهاد.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة. والذي يقرأه ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران)).
وكثيراً ما يكثر الثواب على قدر المشقة والتعب، لا لأن التعب والمشقة مقصودان من العمل، ولكن لأن العمل يستلزم المشقة والتعب.
هذا في شرعنا الذي رفعت عنا فيه الآصار والأغلال. ولن يجعل علينا فيه حرج، ولا أريد بنا فيه العسر.
وقال العز بن عبدالسلام إذا اتحد الفعلان في الشرف. وكان أحدهما شاقًا، فقد استويا في أجرهما لتساويهما في جميع الوظائف. وانفرد أحدهما بتفرد المشقة لأجل الله سبحانه وتعالى، فأثيب على تحمل المشقة لا على عين المشاق. إذ لا يصح التقرب بالمشاق. لأن القرب كلها تعظيم للرب سبحانه وتعالى وليس عين المشاق تعظيمًا ولا توقيرًا.
فإذا باشر الإنسان عملاً وترتبت عليه مشقة غير مقصودة، أو لك تكن له إلا وسيلة واحدة إلى ذلك المقصود، فإن الله تعالى بفضله وكرمه لا يحرمه من الأجر والثواب بسبب تلك المشقة الحاصلة تبعًا بغير قصده واختياره. مثال ذلك: ألا يكون له إلى المسجد أو مشاعر الحج إلا طريق واحد شاق وعر فمشى فيه. فالأجر ثابت له فضلًا وكرمًا.
قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ . نظير ذلك ما يكفر عن العبد من خطاياه بسبب المصائب التي تقع عليه وليس له اختيار في وقوعها. كما قال عليه الصلاة والسلام: ((ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر به من سيئاته)).
فسبحان من جعل هذا الدين ميسرًا فطريًا. وسبحان الله الذي لم يجعل علينا في الدين من حرج، ولم يكلفنا ما لا يطاق. لما في ذلك من قهر للنفس ومجافاة للاعتدال:
فقد دخل الرسول صلى الله عليه وسلم عند أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وعندها امرأة فقال: من هذه؟
قالت: فلانة، تذكر من صلاتها. قال: مه! عليكم بما تطيقون. فوالله لا يمل حتى تملوا. فكان أحب الدين إليه ما دام عليه صاحبه.
ولو قيل إن التكليف على قدر الطاقة لكان ذلك القول سليمًا. لأن السقيم ليس كالصحيح في التكليف.
وقد اتفق المسلمون على أن المصلي إذا عجز عن أداء بعض واجبات الصلاة كالقيام أو القراءة أو الركوع أو السجود أو ستر العورة أو استقبال القبلة أو غير ذلك، سقط ما عجز عنه.
وإنما يجب عليه ما إذا أراد فعله إرادة جازمة أمكنه ذلك.
بل متى كان العبد قادرًا على الفعل مع ضرر يلحقه جعل كالعاجز في مواضع كثيرة من الشريعة، كالتطهر بالماء والصيام في المرض، والقيام في الصلاة تحقيقًا لقوله تعالى ((يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)).
ومن القواعد الأصولية:
((المشقة تجلب التيسير)). وكذلك أن ((الأمر إذا ضاق اتسع)) فالقصد في الطاعات المصلحة للمكلف لا المشقة له. وذلك ليؤدي الطاعة في انشراح صدر ونشاط نفس. (وليس للمكلف أن يقصد المشقة نظرًا إلى عظم أجرها. وله أن يقصد العمل الذي يعظم أجره لعظم مشقته من حيث هو عمل).
فالله سبحانه وتعالى لا يريد الإعنات والمشقة. فقد جاء في الحديث الصحيح:
((إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق)).
فكما أن من مداخل الشيطان الإهمال، فمن مداخله أيضا الغلو فلنحذر من نزغات الشيطان، ولنصفّ النفوس من تلك الوساوس الشيطانية وقد قال بعض السلف: ما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان إما إلى تفريط وإما إلى مجاوزة وهي الإفراط، ولا يبالي بأيها ظفر زيادة أو نقص.
أما ما نجده من تعمد المشقة وقصدها ظنًا أن في ذلك تكثيرًا للحسنات، فهو من تأثير النصرانية المحرفة وما فيها من رهبانية وفصل الدين عن الحياة، أما الإسلام فشأنه الدعوة للاقتصاد في العبادة، لأن ذلك أدعى للإقبال على العبادة بنشاط.
عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال: ما هذا الحبل؟
قالوا: هذا حبل زينب فإذا فترت تعلقت به فقال: ((لا، حلوه فليصلّ أحدكم نشاطه. فإذا كسل أو فتر فليقعد).
ومما ذكر ابن القيم في مجموع الفتاوى، شيخ الإسلام ابن تيمية:
ومما ينبغي أن يعرف أن الله ليس رضاه أو محبته في مجرد عذاب النفس وحملها على المشاق، حتى يكون العمل كلما كان أشق كان أفضل، كما يحسب كثير من الجهال أن الأجر على قدر المشقة في كل شيء، لا، ولكن الأجر على قدر منفعة العمل ومصلحته وفائدته، وعلى قدر طاعة أمر الله ورسوله. فأي العملين كان أحسن وصاحبه أطوع وأتبع، كان أفضل؛ فإن الأعمال لا تتفاضل بالكثرة، وإنما تتفاضل بما يحصل في القلوب حال العمل. ولهذا لما نذرت أخت عقبة بن عامر أن تحج ماشية حافية، قال النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله لغني عن تعذيب أختك نفسها، مرها فلتركب" وروي: أنه أمرها بالهدي. وروي: بالصوم. وكذا حديث جويرية في تسبيحها بالحصى، أو النوى، وقد دخل عليها ضحى، ثم دخل عليها عشية، فوجدها على تلك الحال. وقوله لها "لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لرجحت" وأصل ذلك أن يعلم العبد أن الله لم يأمرنا إلا بما فيه صلاحنا، ولم ينهنا إلا عما فيه فسادنا، ولهذا يثني الله على العمل الصالح، ويأمر بالصلاح والإصلاح، وينهى عن الفساد. فالله سبحانه إنما حرم علينا الخبائث لما فيها من المضرة والفساد، وأمرنا بالأعمال الصالحة لما فيها من المنفعة والصلاح لنا، وقد لا تحصل هذه الأعمال إلا بمشقة: كالجهاد، والحج، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وطلب العلم، فيحتمل تلك المشقة ويثاب عليها لما يعقبه من المنفعة. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما اعتمرت من التنعيم عام حجة الوداع: "أجرك على قدر نصبك" وأما إذا كانت فائدة العمل منفعة لا تقاوم مشقته، فهذا فساد، والله لا يحب الفساد.
اكتب تعليقك وسنرد عليك