التوحد عند الأطفال

 قد يلاحظ الأبوان مؤشرات التوحد في العامين الأولين من حياة الطفل.وتتطور هذه المؤشرات تطورًا تدريجيًا، ولكن بعض الأطفال المصابين بهذا المرض يتطورون في النمو بشكل أكثر من الطبيعي ثم يبدأون في التراجع أو التدهور. وتساعد التدخلات السلوكية والمعرفية والتخاطبية الأطفال المصابين بالتوحد على اكتساب مهارات الرعاية الذاتية والمهارات الاجتماعية ومهارات التواصل.

وعلى الرغم من عدم وجود علاج معروف، إلا أن هناك تقارير عن حالات تم شفاؤها. ولا يستطيع الكثير من الأطفال الذين يعانون من هذا المرض العيش بشكل مستقل بعد بلوغ سن الرشد، لكن بعضهم استطاع ذلك فعلاً. وقد تطورت ثقافة التوحد، فأصبح هناك بعض الأفراد الذين يسعون إلى تلقي العلاج، وغيرهم الذين يؤمنون بأنه ينبغي قبول المصابين بالمرض واعتبارهم مختلفين وعدم التعامل معهم على أنهم يعانون من اضطرابات.

التوحد

ما هو التوحد؟

التوحد أو الذاتوية Autism يشير  إلى مجموعة من اضطرابات طيف التوحد أو مختلف اضطرابات النمو المنتشرة، وهو اضطراب في النو العصبي يتصف بضعف التفاعل الاجتماعي والتواصل اللفظي وغير اللفظي وأنماط سلوكية متكررة. تتطلب معايير التشخيص ضرورة أن تصبح الأعراض واضحة قبل بلوغ الطفل  سن ثلاث سنوات .

يؤثر التوحد على عملية معالجة البيانات في الدماغ وذلك بتغييره لكيفية ارتباط وانتظام الخلايا ونقاط اشتباكها، إلا أن كيفية حدوث ذلك غير معروف حتى الآن. ويعد التوحد واحدا من بين ثلاثة اضطرابات تندرج تحت طيف التوحد (ASDs)، ويكوّن الاضطرابان الثاني والثالث معًا متلازمة اسبيرجر، التي تتميز بتأخر النّمو المعرفي واللّغوي لدى الطّفل، أو ما يعرف باضطراب النمو المتفشي ويتم تشخيصه في حالة عدم توفر معايير تشخيص مرض التوحد.

متى يصاب الطفل بالتوحد؟

يصاب بالتوحد حوالي 1-2 من كل 1000 شخص في العالم، ويكون بمعدل أربعة إلى خمسة أضعاف في الذكور عنه في الإناث. وقد أفادت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أنه تم إصابة 1.5% من الأطفال بالتوحد، وذلك اعتبارًا من عام 2014، بزيادة بلغت نسبتها 30% عن عام 2012، وقد ازداد عدد الأشخاص الذين تم تشخيصهم زيادة كبيرة منذ الستينيات، وهو ما قد يكون جزئيًّا بسبب التغيرات في الممارسة التشخيصية وإلى الحوافز المالية التي خصصتها الدول لتحديد أسبابه.

هل التوحد مرض وراثي؟

نعم، للتوحد أسس وراثية قوية، على الرغم من أن جينات التوحد معقدة. وفي بعض الحالات النادرة، يرتبط التوحد ارتباطاً وثيقاً مع العوامل المسببة للتشوهات الخلقية. وقد توجد مسببات بيئية أخرى.

متى نشك أن الطفل مصاب بالتوحد؟

التوحد هو اضطراب في النمو العصبي، يظهر للمرة الأولى في مرحلة الطفولة، ويأخذ مسارًا ثابتًا دون توقف. تبدأ الأعراض الظاهرة تدريجيًا بعد ستة أشهر من الولادة، وتثبت الاعراض في عمر سنتين أو ثلاثة سنوات، وقد تستمر خلال مرحلة البلوغ. ويتميز المرض بوجود ثلاثة أعراض محددة:

ضعف في التفاعل الاجتماعي، وضعف في التواصل، واهتمامات وأنماط سلوكية مقيدة ومتكررة. وتوجد جوانب أخرى منتشرة مثل وجود نمط معين في تناول الطعام ،ولكن هذا لا يعتبر عاملاً  مهماً في تشخيص المرض. وتنتشر أعراض التوحد بين عامة السكان، والظاهر أنها ليست مقترنة بهم بشكل كبير، ولا يوجد خط فاصل يميز بين المصابين بالمرض بشدة وبين من توجد لديهم الأعراض المعروفة للمرض.

وقد يعاني الأطفال المصابون بالتوحد بشعور بالوحدة، وذلك مقارنة مع أقرانهم غير المصابين بالمرض، أثبتت الدراسات أن تكوين الصداقات والحفاظ عليها يصعب عليهم. فبالنسبة لهم عدد الأصدقاء، وليس نوعية الصداقة، يجعلهم يشعرون بالوحدة. فالصداقات الفعالة، مثل التي تتكون عن طريق الحفلات، ربما تؤثر في حياتهم بشكل أعمق.

وبالنسبة لمهارات التواصل مع الاخرين، لا تتطور مهارات الخطاب لدى حوالي ثلث إلى نصف الأفراد المصابين بالتوحد، بدرجة تكفي للتواصل اليومي. ويمكن أن توجد اختلافات في التواصل منذ السنة الأولى من عمر الفرد، ويمكن أن تشمل تأخر الاستجابة، وفي السنة الثانية والثالثة، يصدر الأطفال المصابون اصوات غير مفهومة، وحروفًا ساكنة، وكلمات، وعبارات أقل تواترًا؛ فحركاتهم أقل تفاعلا مع الكلمات، واحتمالية طلبهم شيء ما أو تبادلهم خبرات مروا بها تكون قليلة، كما أنهم كثيرًا ما يكررون الكلمات التي يقولها الآخرون، أو يعكسون الضمائر.

ولا شك أن الاهتمام المتبادل هامٌ في الخطاب الوظيفي، ولكن يبدو العجز في ذلك علامة يتسم بها الأطفال المصابون: فعلى سبيل المثال، ربما ينظرون إلى يد من يشير إلى شيء ما دون النظر إلى هذا الشيء نفسه، ولا يستطيعون الإشارة إلى الأشياء أو التعليق على شئ ما أو مشاركة تجربة معينة. وقد تكون لديهم صعوبة في الألعاب التي تعتمد على الخيال، أو استخدام الرموز في اللغة.

وقد يعاني طفل التوحد من السلوك المتكرر، كاالحركة المتكررة، مثل ترفرف اليدين، أو دوران الرأس، أو اهتزاز الجسم او سلوك الالتزام بالقواعد، مثل ترتيب الأشياء على هيئة أكوام أو صفوف . ايضا سلوك مقاومة التغيير، على سبيل المثال الإصرار على ألا ينقل الأثاث من مكانه.

 ايضا تكرار الأنشطة اليومية، مثل وجود قائمة ثابتة، أو وجود أحد الطقوس في خلع الملابس. كذلك سلوك التركيز أوالاهتمام أو النشاط، مثل الانشغال ببرنامج تليفزيوني واحد أو الانشغال بلعبة واحدة. قد يتعمد مصاب التوحد إصابة الذات عن طريق عض اليد، أو ضرب الرأس. وأفادت دراسة أجريت عام 2007 أن إصابة الذات في مرحلة ما أصابت نحو 30% من الأطفال المصابين بالتوحد.

الأسباب التي تؤدي للإصابة بالتوحد:

1. اسباب وراثية

اكتشف الباحثون وجود عدة جينات يُرجح أن لها دورًا في التسبب بالتوحد، وبعضها يجعل الطفل أكثر عرضة للإصابة بالاضطراب، بينما يُؤثر بعضها الآخر على نمو الدماغ وتطوره وعلى طريقة اتصال خلايا الدماغ فيما بينها.

قد يكون أي خلل وراثي في حد ذاته وبمفرده مسؤولًا عن عدد من حالات الذاتوية، لكن يبدو في نظرة شمولية أن للجينات بصفة عامة تأثيرًا مركزيًا جدًا بل حاسمًا على اضطراب التوحد، وقد تنتقل بعض الاعتلالات الوراثية وراثيًا، بينما قد تظهر أخرى غيرها بشكل تلقائي (Spontaneous).

2. عوامل بيئية

جزء كبير من المشاكل الصحية هي نتيجة لعوامل وراثية وعوامل بيئية مجتمعة معًا، وقد يكون هذا صحيحًا في حالة التوحد.

يفحص العلماء في الآونة الأخيرة احتمال أن تكون عدوى فيروسية، أو التلوث البيئي عاملًا محفزًا لنشوء وظهور مرض التوحد.

3. عوامل أخرى كثيرة

توجد عوامل أخرىمازالت تخضع للبحث والدراسة، وتشمل: مشاكل أثناء الولادة، ودور الجهاز المناعي في كل ما يخص بالتوحد.

يعتقد بعض الباحثين بأن ضررًا في اللوزة (Amygdala) وهي جزء من الدماغ يعمل ككاشف لحالات الخطر، هو أحد العوامل لتحفيز ظهور مرض التوحد، ولكن هذا ليس اكيد حتى الان.

كيف يتم تشخيص المرض؟

ينبغي معاينة الطبيب المختص للطفل.

والتحدث مع الأهل عن مهارات الطفل الاجتماعية، وقدراته اللغوية، وسلوكه، وعن طريقة ومدى تغيّر هذه العوامل وتطورها مع مرور الوقت. كذلك يجب عمل عدة فحوصات واختبارات للطفل  لتقييم قدراته الكلامية واللغوية وفحص بعض الجوانب النفسية والعقلية.

وبالرغم من أن أعراض التوحد الأولية تظهر قبل سن 18 شهرًا إلا أن التشخيص النهائي يكون في بعض الأحيان عند بلوغ الطفل سن السنتين أو الثلاث سنوات، وذلك عندما يظهر خلل في التطور، أو تأخر في اكتساب المهارات اللغوية، أو خلل في العلاقات الاجتماعية.

وللتدخل المبكر اهمية كبيرة خصوصًا قبل بلوغ الطفل سن الثلاث سنوات ، فهذا يُشكل عنصرًا هامًا جدًا في تحقيق أفضل الاحتمالات والفرص لتحسن الحالة.

علاج مرض التوحد:

لا يتوفر علاج محدد للمرض، ولكن تشكيلة العلاجات المتاحة لمرضى التوحد والتي يمكن اعتمادها في البيت أو في المدرسة متنوعة ومتعددة جدا. بامكان الطبيب المعالج المساعدة في ايجاد الموارد المتوفرة في منطقة السكن والتي يمكنها ان تشكل أدوات مساعدة في العمل مع مريض التوحد.


  • العلاج السلوكي وعلاجات أمراض النطق واللغة .
  • العلاج التربوي - التعليمي
  • العلاج الدوائي
  • يوجد عددٌ من الأدوية لها تأثير فعال على علاج سلوك الطفل الذي يعاني من التوحد ومن هذا السلوك (فرط النشاط أو القلق أو نقص القدرة على التركيز أو الإندفاع) والهدف من الأدوية تخفيف هذا السلوك حتى يستطيع الطفل أن يمارس حياته التعليميه والاجتماعية بشكل سوي إلى حد ما وعند وصف أي دواء للآباء لا بد من ضمان الأمان الكامل لأبناءهم.
  • العلاجات البديلة

ونظراً لكون مرض التوحد حالة صعبة جدا ومستعصية ليس لها علاج محدد، يلجا العديد من الاهالي إلى الحلول التي يقدمها الطب البديل. ورغم ان بعض العائلات افادت بانها حققت نتائج ايجابية بعد علاج التوحد بواسطة نظام غذائي خاص وعلاجات بديلة أخرى، الا ان الباحثين لا يستطيعون تاكيد، أو نفي، نجاح هذه العلاجات المتنوعة على مرضى التوحد.


وختاماً نلخص جميع ما سبق، التوحد هو اضطراب يظهر عادةً لدى الأطفال قبل الثالثة من العمر. وهو يؤثر على كيفية كلام الطفل وسلوكه وتفاعله مع الآخرين. أعراض التَّوَحُّد تختلف اختلافاً كبيراً من طفل لآخر.

مهم أن تنتبه الأسرة إلى العلامات المبكرة للتوحد أو الذاتوية لكي تبادر إلى استشارة الطبيب المختص.

يجب على الأسرة أن تذهب لزيارة الطبيب المختص إذا ظنت أن تطور الطفل غير طبيعي. والأشياء التي يجب أن تراقبها الأسرة كالتالي:

إتمام الطفل للسنة الأولى دون محاولة الكلام.

إتمام الطفل للسنة الأولى دون استخدام الإيماء، التلويح أو الإشارة باليد.

بلوغ الطفل للسنة ونصف السنة دون نطق كلمات مفردة. بلوغ الطفل السنتين دون استخدام جمل من  مكونة من كلمتين تكون من ترتيبه وليست مجرد تكرار لما يسمعه. 

فقدان الطفل للمهارات اللغوية أو المهارات الاجتماعية التي كانت لديه  في السابق.

وبالرغم  من عدم وجود علاج يشفي من التوحد، فإن هناك طرقاً كثيرة لمعالجته. وهي تهدف إلى مساعدة الطفل على التعايش مع التوحد. كلما بدأ العلاج في وقت مبكر كانت فرص نجاحه أفضل. 


وفي النهاية يجب القول بأن الله على كل شئ قدير، ولا يعجزه شئ فهو قادر على شفاء الطفل تماماً تماماً، ولكن عليكم بالصبر والدعاء والاخذ بأسباب الشفاء من العلاج وزيارة الطبيبز

حفظ الله أبنائنا وبناتنا من كل سوء.

اذا وجدت ذلك مفيدا، اترك لنا تعليقك للمناقشة وقم بمشاركته لتعم الفائدة..






تعليقات